إجمالي مشاهدة المدونة

الأحد، 21 يونيو 2015

من رواية الحياة وانا (الجزء الثالث)

يتبع داخل الحي:



وتارة اخرى يكون موسم الدراجات الهوائية والتي لم يكن في استطاعة اياً كان ان يقتنيها او يمتلكها لارتفاع سعرها. فياله من يوم ذلك الذي اوفى ابي فيه بوعده لي بشراء دراجة حقيقية بعجلتين ومعشق سرعات وذات كرسي فاخر ذو مسند معدني طويل، وذلك بعد النجاح بتفوق في احدى سنوات المرحلة الاعدادية. بسبب تلك الدراجة كنت استعجل انقضاء الليل والاستيقاض للخروج واللعب بها فكنت استيقظ مرات عديده من النوم ظناً مني ان النهار قد حل لاقودها واتجول بها في شوارع الحي باحثا عن متسابق لأريه مهارتي وقدرة دراجتي الجديده والتي كنت اهتم بها ايما اهتمام. كنا نحاول جذب اهتمام فتيات الحي اللاتي كن يقفن في نوافذهن او يلعبن ببرائة امام بيوتهن بحركات بهلوانية تجعلهن يضحكن. كنا نعتقد، في ذلك الوقت، انهن اعجبن بنا وانهن بكل تأكيد سيقعن في حب الاكثر مهارة.  كنت اعتنى بدراجتي تلك بشكل كبير فكنت اقوم بتزيينها وتنظيفها وكأنها سيارة ستقوم بزف عروسان في شوارع المدينة. علقت على مقبضها اشرطة مطاطية ملونه تتدلى للاسفل تتحرك بحركة الدراجة ملفته الانظار بالوانها الزاهية, كما ركبت على ذلك المقود جهاز معدني صغير لماع يعمل بالبطارية اشتريته بعد توفير بعض الدراهم لاسابيع عديده. ذلك الجهاز كان مصنع ليصدر اصواتاٌ بنغمات مختلفه مشابه لصوت سيارة الاسعاف او انذار سيارة الشرطة او بوق السيارة حتى. اما العجلات فقمت بتزينها بغطاء مطاطي يمنع تناثر المياة المتراكمة على الطرق في فصل الشتاء فكان ذلك الغطاء له شرائح ملونه تتدلى ايضاً خلف العجلات. كنا نلتقي بعد انتهاء اليوم الدراسي واتمام الواجبات المدرسية لنقوم بتلك الاستعراضات وكلاً له طريقته في ذلك, فهذا يقود دراجته على العجلة الخلفية ورافعا الامامية للاعلى لتسير بذلك لمسافة تصل الى عشرات الامتار, وذلك يتباهي بقدرته على قيادة دراجته على ممر ضيق بالكاد يتسع لمرور عجلات الدراجة دون ان يسقط او يحيد عن ذلك الممر.
كان على كل منا ان ينتمى الى مجموعة من الاصدقاء داخل الحي لتكون هي حاضنتة وحصنة فيؤدي حقوقها وتساعده عند الحاجة ويخرج معها خارج محيط الحي اذ لم يكن بوسع احدنا ان ينتقل من حي الى اخر او الذهاب الي السوق مثلا بدون تلك المجموعة والا تعرض للضرب والنهب من قبل اولاد الاحياء الاخرى على الطريق. كانت وكأنها عصابات يحتكر كل منها منطقته ولاتسمح لاياً كان الدخول اليها بل ويصل الامر احيان ان تقوم احد مجموعات الحي بالتجمع والاغارة على الاحياء المجاورة مستخدمين في ذلك الحجارة والالواح الخشبية للتخويف وبالتالي هزيمتها وسلب ماتيسر من ادوات اللعب المستخدمة لدى تلك المجموعة من ثم تسجل هزيمة يؤرخ بها بين الاحياء.
كنا نذهب الى بين الفينة والفينة الى دار السينما التي كنت ذات مبنى ضخم كبيرلايبعد كثيرا عن الحي ويمكن رؤيته بالعين من حينا. الا انه كان يتعين علينا الذهاب في مجموعات خوفاً من عمليات السطو من ابناء الاحياء المجاورة خاصتاً ان كنا نحمل، بكل تأكيد، ثمن التذكرة والذي لايتعدي بضع قروش لاكنها كانت قيمة كبيرة بالنسبة لنا في ذلك الوقت.
كانت الافلام التي نفضلها عدة انواع. الاول، هي افلام الغرب الامريكي او مايعرف (بالكاوبوي) والتي كانت الاكثر اثارة وتأثيراً على المشاهد انذاك. فكان الجميع يتفاعل مع احداث الفلم بالتصفيق والتصفير تارة عند قدوم البطل في الوقت المناسب وفي اللحظات الاخيرة لمنع ظلم قارب على الحدوث اولانقاذ شخص اشرف افراد العصابة المجرمون على قتله فيقف الحضوراجلالا لهذا البطل المغوار القادم على فرس مدربه  لتطيع صاحبها بمجرد ان يصفر لها في مشهد مصحوب بموسيقى تصويريه وبنغمة تتناسب ووقع حوافر ذلك الحصان. وتارةً اخرى يتفاعل الجمهور مع مجريات واحداث الفلم برمى الشاشة بسدادات زجاجات المشروبات الغازية او حتى بما يتيسر من قطع نقدية نكايتاً في زعيم العصابة. اما البعض، ولشدة اندماجهم، يقفون من حين لاخرمانعين الرؤيا عن الجالسين على الكراسي الخلفية معربين عن اعتراضهم الشديد لحدث معين بالصراخ والعويل او مهددين زعيم العصابة واعوانه بالويل والثبور محاولين بذلك منع المجرمين من اقتراف جريمة في حق الابرياء. و لم يكن لأولئك الجالسين خلفهم الا محاولة تهدئتهم ليتمكنوا من مواصلة المشاهدة والاستمتاع بمتابعة الفلم المثير.
النوع الثاني من الافلام المحببه لدينا وكانت تتسبب في ازدحام شديد على شباك التذاكر عند عرضها، هي الافلام الهندية والتي كانت لطولها تعرض على فترة واحده (او جولة كما كانت تسمى) بعكس باقي انواع الافلام والتي كانت تعرض على جولتين متتاليتين الاولى من بعد العصر الى قبيل المغرب والثانية من بعد المغرب الى وقت متأخر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق